من المُسلَّم به عالَميًّا أنَّ صلاح الدِّين كان واحِدًا من أعظم القادة العسكريين والسِّياسيين المُسلِمين إبَّان فترة العصور الوسطى. لذا أشعرُ بالفَخْر كُلَّ الفَخْر؛ لأنَّ الدُّكتور علاء مصري النهر قد وقَع اخْتِيارُه على كِتابي عن صلاح الدِّين (Saladin) – الذي نُشِرَ باللُّغة الإنكليزيَّة في المملكة المُتَّحِدة في العام 2011م – كي يُترجِمَه إلى اللُّغة العربيَّة. ومِمَّا زادني أيضًا فَخْرًا وتِيهًا أنَّ مُترجِمَه من مِصْرَ، تلكم الدَّوْلةُ التي أعرفها حَقَّ المعرفة، بعد أنْ زرتُها أوَّلَ مَرَّةٍ في خريف العام 1964م؛ فكان أوَّلَ الغَيْث، ثُمَّ انْهمرتْ زياراتي إليها على مَمَرِّ السِّنين.
إنَّ الهدف الأصيل من كِتابي عن صلاح الدِّين، والمنشور ضمن سلسلة ”القيادة“ (Command) برقم 12 في دار نشر أوسبري (Osprey Publishing)، هو تقديم دِراسة دقيقة، مُتعاطِفة عن صلاح الدِّين إلى العالَم النَّاطِق بالإنكليزيَّة. وقد كان هذا في وقتٍ فشا فيه وطغى التَّحيُّزُ ضدّ العرب – بل ضدّ المُسلِمين بعامَّةٍ – وجاسَ خِلالَ ”الغَرْب“. ومن أَسَفٍ أنَّ ذلك لم يَنْشَبْ أنِ ازداد سُوءًا، وصار هوًى مُتَّبَعًا.
برُغْم صِغَر حجم هذا الكِتاب، فإنَّه ساعَدني في تحقيق هدفي؛ إذ إنَّ جَمْهَرةَ منشورات دار أوسبري تلتزمُ تقديم نُصوص مُوجَزة مائِزة بالدِّقَّة والحِياديَّة، هذا فضلًا عن الأشكال التَّوضيحيَّة عالية الجودة. وتضمَّنتْ هاتِه الأشكالُ التَّوضيحيَّة صُورًا، أصرَّ النَّاشِرُ أن تكون شائِقةً، وأن تكون وثيقةَ الصِّلة بالموضوع في الوقت نفسه، بالإضافة إلى خرائطَ واضِحةٍ دقيقةٍ. وأهمُّ من ذلك كُلِّه أنَّ الكُتُب في جميع سلاسل دار نشر أوسبري – ومن بينها سلسلة ”القيادة“ – يجب أن تشتمل على إعادة إحْياء ”أعْمال فنِّيَّة“ دقيقة ومثيرة عن الحوادِث المُتعلِّقة بالموضوع. ومن ثَمَّ، توجد أشكالٌ توضيحيَّةٌ عن مسيرة صلاح الدِّين الغَرَّاء كقائدٍ عسكريٍّ وسياسيٍّ، عاش في غمرات فترةٍ كانت تَمُورُ بالاضطرابات في تاريخ العرب والشرق الأوسط. من أجْل كُلِّ ذلك، هأنذا أَعرِضُ كِتابي – بكُلِّ امتنانٍ وتواضُعٍ – على قُرَّاء لُغة الضَّاد، وقد آنَ الأوانُ لِأُخَلِيَ بينهم وهذا الثَّمَر الشَّهيّ المُجْتَنَى.
لندن، 10 إبريل 2022 م د.ديفيد نيكول